فالإرهاب ما هو إلا نتاج طبيعي للعنصرية التي هي سلوك الذات الجاهلة الرافضة لأي شيء مختلف سواء في الدين .. المذهب أو اللون، ما يقود إلى تحكم قيم الشر في أفراد المجتمع، تلك القيم التي لا يقتصر ضررها على فرد أو مجتمع بحد ذاته. وعملياً فان الجهل المتفشي في المجتمعات الفقيرة، لا يقتصر ضرره على المجتمعات ذاتها وإنما ينسحب ذلك السلوك المتمثل بالتعدي والإساءة ليطال مجتمعات أخرى مسالمة، ذلك لأن بيئة الجهل بيئة أكثر ملائمة لنمو كل أشكال الانحراف والإرهاب للانتقام من المجتمعات المسالمة وتحميلها المسؤولية لكافة الانكسارات والخسائر التي منيت بها المجتمعات الفقيرة. يتمثل ذلك في صورة انتقام ورفض لأي تباين للدين و العرق أو الجنس.
كثيرا ما تفسر ظاهرة التشدد والعنصرية المؤدية للإرهاب بأنها حصيلة انقسامات لمجموعات كل منها تدرك العالم وتفهمه بشكل يناقض فهم وإدراك بقية الأحزاب والمجموعات والطوائف.. وهكذا تتنافر تلك الطوائف بناءاً على اعتقادات متناقضة فهي خير وما سواها شر ومن معها صديق وكل من خالفها عدو يستحق التصفية والقضاء عليه فهو منبع الشر والفساد!! وسواء قبلنا ذلك التقسيم أو رفضناه علينا الاعتراف أن ذلك الاختلاف وما يتبعه من تناحر يؤديان إلى تنافر اقتصادي ـ اجتماعي، ورغم أن الفقر بمفرده لا يؤدي إلى التطرف لكنه إذا ما اجتمع مع عوامل كالجهل فقد يؤدي إلى تكوين بيئة حاضنة ومساندة للتطرف والإرهاب.
فكيف لنا أن ندعي أننا في حرب مع الإرهاب .. ونحن في حالة تعزيز دائم للفقر عبر العالم وتعميق للجهل والسطحية.. نحن من زرع ثمار العنصرية وأبينا التغير و رفضنا كل من اختلف معنا وها نحن نحصد اليوم ثمار التصاق عار الإرهاب بالإسلام والمسلمين..حان الوقت أن نغير عنوان حربنا وليصبح العنوان الجديد حرب على العنصرية والفقر والجهل بدلاً من الحرب على الإرهاب..فالحال أن الجهل هو قائد وسيد الإرهاب والعنصرية و الفقر هو البيئة الأولى لهما.