استوقفتني إحدى العبارات لجمال الغيطاني وهي " من لا اسم له لا وجود له " عبارة كنت قد قرأتها في رواية "دفاتر التدوين رن" رحت أتأملها هل فعلا من لا اسم له لا وجود له ؟؟ هل الاسم هو الذي يضفي على الأشياء أو الأشخاص طابع الوجودية من عدمه .. هل جميع ما هو موجود له اسم ؟؟ أم أن بعضا منها وجد ورحل دون أن يسمى ؟؟
هل نسمي الأشياء لتبقى ؟؟ إن كان كذلك فلما كثيرا منها رحل عنا طمس ولم تعد له ذكرى ؟؟ هل جُل الأسماء لها دلالات و معاني واضحة وضعت لبيان المقاصد المنشودة منها ؟؟ فما الهدف إذا من تسمية الأشياء في وقت أصبحنا نسمي الأشياء بغير أسمائها أصبحت التسميات مرهونة بالموقف ؟؟ متوقفة على رؤية الشخص الخاصة وقدرته التعبيرية ؟؟
علينا قبل أن نطالب بتعلم مبادئ وآداب الحوار، أن نرسي قواعد وأساليب التلاعب بالمسميات كي نضمن على أقل تقدير حوار متكافئ !! .. في وقت أصبح الكثيرون منا يتقنون ويتمتعون بقدر كبير من المراوغة.. فخلق و ابتكار تسميات جديدة يضفي نوعاً من التحدي ويمنح الكثيرين شعور بالزهو والفخر، شعور غائب عنهم ، طال بحثهم عنه شعور بالانتصار الوهمي في واقع الأمر .. انتصار لحظي في معظم الأوقات .. تلك التسميات المموهة التي لا نفع منها في شتى المجالات يفتحون بها الباب لانفلات أخلاقي وفوضى في كافة نواحي الحياة من أدقها لأكثرها خطورة .. من الدين للسياسة حتى الأخلاق والقيم.
أصبحنا في حالة مراهنة مستمرة لقياس مدى ذكاء وسرعة بديهة المستمع أو القارئ أو المتلقي أي كان نوعه، قياس مقدرته على استخلاص المقاصد المستترة في كثير من الأحيان و النبيلة في أحيان أخرى، مقدرته على إجراء نوع من الترجمة الضمنية لما يتلقى في وقت أصبح الغش والتدليس وسرقة الأفكار حرية تعبير .. و التهديد والوعيد مجرد تنبيه .. في حين تكميم الأفواه وسلب الآخر رأيه من أساليب التنظيم ودرء الفوضى!!
تسمية الأشياء بغير أسمائها كثيرا ما تشوش على الإدراك، تقوض القدرة على التوجه والحكم السليم على الأشياء مما يقلل من سيادة الأشخاص على أنفسهم وأفعالهم.. في زمن صار فيه ذكر الأشياء بأسمائها موردا للمهالك.. فلن يحظى أي حوار بالنجاح درءا لتلك المهالك، ولن يعد جدوى لأي حوار في ظل التلاعب بالألفاظ، وسيطرة المراوغة و التسميات المقلوبة للأشياء.
ألم يحن الوقت بعد أن ندرك أمراً مهما جميعا، أنه عندما تصبح ثقافة المجتمع متسامحة تتقبل الجميع دون تجاوز، لا تُوجِد أو تخلق عراقيل إزاء تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقة، فحتما سيصبح استخدام اللغة أيسر شأناً، وستصبح أحاديث الحوار أكثر سلاسة وموضوعية، فتسمية الأشياء بأسمائها من أبسط ضروريات النجاح.
2 التعليقات:
كلامك صحيح ان المجتمع هو الذي يفرض علينا سياسة تحوير المعاني فما يراه هو مرفوض نراه نحن مقبول
قبل اى حوار يجب تحديد تعريف متفق علية لمصطلحات الحوار ودلالاتها حتى لا يتلاعب طرف بتعابير لفظية او مصطلحات تحتمل اكثر من معنى واحيانا يقال شئ لا يقصد بذاتة وانما يقصد بعلاتة او كما قيل يقصد ما خلف الكلمات فلم تكن الرسالة هى الكلمات المكتوبة وانما ما لم يكتب فى الرسالة .اما من ناحية هل للاسماء دلالات فى حد ذاتها وانها هى مفتاح الوجود وجودا وعدما فأعتقد لا فما اكثر ما كتب وادرج تحت اسماء وهمية او مستعارة وبقى وما اكثر تحت اسماء كبيرة ومحاة الزمان لتفاهتة وان بقى يوما لتأثر الناس بشخصية صاحبة فلن يبقى غدا فربما تسعى من عدم التقيد بالاسماء الى الاشارة الى وحدة الانسانية او الى التحرر من قيود مجتمعية او غيرها من اشياء فالفكرة تدور حول قيمتها وليس مسماة وهى تدور بين الوجود والعدم
إرسال تعليق