السبت، 1 مارس 2014

حين يصبح الحاكم هو الوطن !!

كثير من الدول التي ظهرت في القرن الأخير في منطقتنا قامت على أساس مبايعة الشعب لشخص ما يحمل الكثير من صفات العظمة والسمو، تلك المبايعة ليست بعيدة عن أصل تلك الشعوب القائم على الولاء التام لشيخ القبيلة، فعلى الرغم من مظاهر الحضارة والدولة الحديثة التي تتمتع بها تلك الدول وعلى الرغم من أنها في الظاهر تملك كل شكليات الدول من وزارات وبعض مجالس نيابية إلا أن مفهوم الدولة بمعناه الحقيقي لم يترسخ بعد!!

فصاحب السمو والوطن كيان واحد لا يتجزأ و انتقادك لصاحب السمو يعني انتقادك للوطن والحط من قيمة الدولة وكرهك لصحاب السمو يعني كرهك لوطنك، أضف إلى ذلك أن الوطن بما فيه ومن عليه في عداد الملكية الخاصة لصاحب السمو، والدخل القومي ماهو إلا دخل لصاحب السمو يقدم منه لمن أراد ويوزعه بالطريقة التي يراها، فتظهر أنها هبات يقدمها صاحب العظمة لشعبه، وأن الشعب بدون هبات صاحب السمو سيكون الهلاك هو مصيره الأوحد، يأتي هذا الدور ترسيخا لدور شيخ القبيلة المسئول عن توفير الغذاء والماء مقابل الولاء، فعلى الرغم من أن الشعب في الأساس لم تكن له حرية اختيار هذا القائد الفذ وبالتالي فحرية انتقاده أو عزله غير وارده!!

كنت أعتقد أن طبيعة الشعوب مختلفة وأن الشعب المصري بماله من تاريخ سيكون بعيد كل البعد عن نموذج الولاء والمبايعة لصاحب سمو، فعلى الرغم من العقود الطويلة للديمقراطية الشكلية التي مر بها الشعب المصري تخللها الكثير من الانتخابات الصورية و التزوير الفاضح والمستتر، ومع ذلك في أحلك الأوقات في مصر كانت هناك رغبة وإصرار على استمرار مظاهر الديمقراطية وإن كانت شكلية، ذلك لأن الشعب كان يرفض فكرة أن تكون مصر عزبة لأحد، كان الولاء الأول لمصر وليس لحكام مصر، على الرغم من تقدير فئات مختلفة من الشعب في أوقات مختلفة لحاكم بما يتوافق مع مصالحهم إلا أنه في ذات الوقت لم يكن انتقاد الحاكم في مصر ينتقص من وطنية المُنتقِد أو يقلل من حبه لوطنه ويجعله في خانه الخائن والكاره لمصر.

بعد مطالبة مثقفين مصريين ومن يعتبرون نفسهم نخبة مصر أضف إليهم عامة الشعب من البسطاء ممكن يطالبون بمبايعة شخص يروا أن الوطن يتخلص فيه، لم أعد أرى أي فرق بين شعوب لها دور و قيمة حضارية "كما كانت مصر" ترى أن الوطن هو الوطن وأن الحاكم حاكم لا يمكن جعله بقيمة وطن "كمصر" مهما كان حجم شخصه أو انجازه أو دوره التاريخ وأن الولاء للوطن وليس للحكام، وبين شعوب ناشئة على القبلية لا تزال قائمة على أن الوطن هو الحاكم والحاكم هو الوطن ويصبح كل من ينتقد الحاكم في عداد الخارجين عن القبيلة مستحق للتخوين والإعدام !!

0 التعليقات:

إرسال تعليق